ظاهرة تغيير الجنس عند الأسماك: مفاهيم وأمثلة..... بقلم نعيم بلعكري

في معظم الفقاريات، يتم تحديد الجنس البيولوجي مبكرا جدا أثناء التطور الجنيني ، ولا يتغير أبدا بعد ذلك. ومع ذلك، يمكن لبعض الكائنات الحية تغيير جنسها استجابة لمحفزات بيئية أو اجتماعية، حتى عندما تصل إلى سن البلوغ.

إن تغيير الجنس هو أمر شائع جدا في الأسماك، حيث تتحول الإناث إلى ذكور protogyne أو من ذكور إلى إناث protandreأو بين الجنسين أو في الاتجاهين حسب الظروف، وتعرَف ظاهرة تغيير الجنس بالتخنث المتسلسل حيث تعتبر أحد أغرب أمور الطبيعة، خاصة وأن هذه العملية تحدث عندما تستدعي الظروف ذلك، وتتطلب إعادة برمجة كاملة للمعلومات الوراثية للأسماك

الخنوثة(hermaphrodisme) هي ظاهرة بيولوجية يمكن أن يكون فيها نفس الفرد ذكرا وأنثى، يتم التحويل فيها من خلال التغير في نسب الهرمونات الجنسية المذكرة والمؤنثة.

وتتعارض هذه الظاهرة مع الظاهرة الطبيعية(gonochorisme) التي تكون فيها الأفراد منفصلة جنسا إذا ذكرا وإما أنثى.

وتمس ظاهرة تغيير الجنس(التخنث: hermaphrodisme ) حوالي 500 نوع من الأسماك والتي تمثل نحو 10 بالمائة من الأسماك في العالم، من خلال عدة أنماط أهمها:

1. الخنوثة المتتالية أو المتسلسلة l'hermaphrodisme successif ou séquentiel : هي الأكثر شيوعا، حيث يتحول الأفراد بين الجنسين من جنس إلى آخر. هذا التناوب الجنسي يحدث لدى 27 عائلة سمكية، ولها مع ثلاثة تكوينات ممكنة.

1.1. الخنوثة البروتوجينية (l'hermaphrodisme protogyne): تولد السمكة أنثى ثم تصبح ذكرا. تحدث هذه الظاهرة لدى بعض الأسماك من عائلة Labridae,، أو ما يسمى les labres(وهي ثاني اكبر عائلة أسماك بحرية تضم حوالي 500 نوع) مثل أسماك نابليون(poisson Napoléon) ، أو في الميرو(Labridae,).

poisson Napoléon

بعض الأنواع التي تبدأ حياتها كإناث يتحول بعضها إلى ذكور شبيهة بالإناث تتلصص خلسة بين الذكور الكبيرة وتقوم بإخصاب بويضات الإناث من خلف ظهر الذكر المسيطر، يحدث هذا في الأسماك كثيرة العدد التي لا يستطيع الذكر الرئيس مراقبتهم بشكل جيد.

فسمك الميرو(الهامور) ليس لديه جنس محدد حتى سن 4 سنوات. تحتوي هذه السمكة على غدة قادرة على إنتاج أمشاج أنثى ثم ذكر. يمكن للميرو أن يغير جنسه مرة واحدة خلال حياته عندما لا يكون هناك ذكر مهيمن. في حوالي سن 10 – 14 عام، يحدث تغيير في الجنس، فيتحول من أنثى إلى ذكر، وينهي حياته بهذا الشكل.

 Le mérou

2.1. الخنوثة البروتجية(l'hermaphrodisme protandre(: تولد السمكة ذكرا ثم تصبح أنثى. تحدث هذه الظاهرة في أسماك المهرج(poissons-clowns)، أو الدنيس(daurades)، وسمكة الدامسيل(demoiselles) .

les demoiselles

les poissons-clowns

ويحدث هذا الأمر بشكل أقل من تحول الإناث إلى ذكور، ويكون في الأسماك التي تتزاوج بشكل ثنائي، أي ذكر واحد مع أنثى واحدة طول موسم التزاوج، أو حين يكون التزاوج بشكل عشوائي دون مرجعية للحجم، لكن الإناث كبيرة الحجم تعطي نسلا أقل من صغيرة الحجم، وبالتالي يكون البقاء في هيئة ذكر أفضل لصغار الحجم للحصول على إنتاج أكبر، وعندما يكبر في الحجم يتحول إلى أنثى، ففي أسماك المهرج يكون هناك أنثى واحدة كبيرة وذكر واحد صغير وأفراد آخرين لا يتناسلون، وعندما تهلك الأنثى يتحول الذكر إلى أنثى.

Les daurades

.3.1 الخنوثة ثنائية الاتجاه(L’hermaphrodisme bi-directionnel): السمكة تغير جنسها عدة مرات حسب الحاجة. ومن بين الأسماك التي تحدث لديها هذه الظاهرة الغيبي الأخضر (gobie vert) الذي يعيش في الشعاب المرجانية.

التحول بين الجنسين كما في أسماك الغيبي، يعتبر غير مفهوم كلياً، لكن يعتقد العلماء أنه بسبب طبيعة سلوك هذه الأسماك التي تعيش في مناطق معينة بشكل منعزل مما يجعل عثورها على رفيق أمراً نادراً وصعباً، لذلك فإن طريقة التحول هذه تسمح لأي فردين أن يتزاوجا معاً بمجرد أن يتحول أحدهما للجنس الآخر.

 وسواء تعلق الأمر بالبروتوجيني(protogynie) أو البروتاندري(protandrie) ، فإن تغيير الجنس يحدث
بشكل عام مرة واحدة فقط ، على عكس الخنوثة ثنائية الاتجاه(l’hermaphrodisme
bi-directionnel).

2. الخنوثة المتزامنة أو المستمرة: l'hermaphrodisme synchrone ou continu: هي نوع نادر لدى الأسماك، حيث يكون لدى الأفراد إمكانية وجود كلا الجنسين في وقت واحد، مثل سيران الماعز (serran-chèvre) وبعض الأسماك من عائلة Sparidae.

يسمح هذا النوع من الخنوثة بالتخصيب الذاتي في الأنواع النادرة، مثل أسماك كيلي غابات المنغروف (Kryptolebias marmoratus).

                    killi des mangroves

      serran-chèvre

أهمية تغيير الجنس لدى الأسماك:

هناك شيء واحد مؤكد من تغيير الجنس لدى الأسماك هو زيادة فرصها في التكاثر إلى أقصى حد ممكن.

ويعتمد تغيير الجنس على عدة عوامل. أهمها:

 تغيير الجنس ، والسيطرة ... والتكاثر

في هذه الحالة يصبح لحجم الأسماك دور كبير في تغيير الجنس، وقد تغير أنثى السمكة جنسها بمجرد أن يكبر حجمها ويصبح أكثر خصوبة كذكر، والعكس صحيح.

وهكذا ، البروتيجيني la protogynie (أنثى نحو ذكر) غالبًا ما يحدث في الأنواع ذات النظام الاجتماعي الذي يهيمن عليه الذكر متعدد الزوجات والإقليم.

عادة، في أسماك جيرال ذات الرأس الأزرق (les girelles à tête bleue )، لن يكون للذكر أهمية في التكاثر إلا بشرط أن يكون الأكبر ويهيمن على حريمه.

وتبقى الإناث على حالتها الأنثوية لغاية موت الذكر السائد ، فتتحول أكبر أنثى إلى ذكر، في حوالي 10 أيام، حيث يتغير سلوكها ولونها من الأصفر إلى الأزرق في يومين، وخلال 10 أيام تصبح ذكرا قادرا على التكاثر، حيث تختفي المبايض في ثلاث أيام وتنمو الخصيتين في يوم واحد.

على العكس من ذلك ، أين يكون الأزواج أحاديي الجنس وتكون الحاجة إلى الدفاع عن أراضيها أقل أهمية ، يمكن أن تحدث ظاهرة الخنوثة من النوع البدائي (ذكر نحو أنثى).

 في حالة سمك المهرج(poissons-clowns)، فإن الأنثى المهيمنة هي التي تشكل زوجًا مع ذكر. الأعضاء الآخرون في المجموعة هم من الذكور ، وأصغر حجمًا ولا تتكاثر. عندما تختفي الأنثى ، يتحول ذكر الزوج إلى أنثى.

تغيير الجنس ، تكوين زوجين في أقرب وقت ممكن ... والتكاثر

بالنسبة للمخنثين ثنائي الاتجاه(les hermaphrodites bi-directionnels)، فإن القدرة على تغيير الجنس عدة مرات تسمح لهم بالتكيف بشكل أفضل مع بيئتهم. هذا سلوك نموذجي لأسماك الغوبي(gobies) التي تعيش مختبئة في الشعاب المرجانية ، مثل الغوبي الأخضر (Gobiodon histrio).

بالنسبة لهذه السمكة الصغيرة، فإن أي تحرك بعيدًا عن الشعاب المرجانية أمر خطير كما أن عمرها قصير نسبيًا. وهنا وإذا لزم الأمر، سيغير أحدهما جنسه ليخلق زوجًا من جنسين مختلفين.