أسماك المياه العذبة.. قوة اقتصادية مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية
بقلم: نعيم بلعكري
كثيرا ما يتم التقليل من شأن أسماك المياه العذبة من حيث
مساهمتها في التنوع البيولوجي أو في الأمن الغذائي العالمي واقتصاديات الدول وعلى
الرغم من أهميتها في حيوية الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة في العالم، وكذا في
حياة البشر وسبل عيشهم في جميع أنحاء العالم، فإنها تظل مقومة بأقل من قيمتها
الحقيقية ويتم تجاهلها في الكثير من الأحيان.
تعتبر
الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة من بين أكثر الأماكن تنوعًا بيولوجيًا في كوكب
الأرض، وعلى الرغم من أنها تغطي أقل من 1 % من إجمالي سطح الكوكب ، فهي موطن لربع أنواع الفقاريات تقريبًا -
بما في ذلك أكثر من نصف جميع أنواع الأسماك في العالم. فمن بين 35768 نوعًا
معروفًا من الأسماك ، يعيش 18075 ( 51 % )في المياه العذبة، ويتم اكتشاف المزيد في كل وقت.لكن قلة من الناس
لديهم أي فكرة عن هذا التنوع الهائل، حسب تقرير صدر حديثا عن هيئة الصندوق العالمي للطبيعة WWF، بعنوان '' أسماك العالم
المنسية'‘.
تزود
مصايد المياه العذبة القارية حوالي
200 مليون شخص بمصدرهم الأساسي للبروتين الحيواني، بما في ذلك المجتمعات الضعيفة
وسكان الأرياف على الخصوص في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.تمثل آسيا ثلثي
كميات أسماك المياه العذبة التي يتم صيدها، وتعتبر الصين الأولى عالميا من حيث
إنتاجها، وتنتج البحيرات الكبرى في إفريقيا وحدها أكثر من مليون طن من الأسماك
سنويًا في منطقة يمثل فيها الأمن الغذائي تحديًا كبيرا، وتعتمد كمبوديا على سبيل
المثال بشكل كبير على أسماك المياه العذبة في تغذية السكان، وفرضا لو تفشل مصايد
أسماك المياه العذبة في هذا البلد، فسيتعيّن عليها زيادة أراضي الرعي بنسبة 155٪
وأراضي المحاصيل بنسبة 59٪ لتعويض نقص التغذية ، مما يتسبب في أضرار لا توصف في
هذه العملية.
أسماك
المياه العذبة اقتصاد قوي
وتوفر
مصايد الأسماك أيضًا وظائف لأكثر من 60 مليون شخص ، وتبلغ قيمتها أكثر من 38
مليار دولار أمريكي سنويًا، ولو كانت
أسماك المياه العذبة دولة فيمكن تصنيفها ضمن أكبر 100
اقتصاد في العالم، دون احتساب قيمة صناعتين كبيرتين تدعمهما أسماك المياه العذبة
هما صناعة الصيد الترفيهي وصناعة أسماك
الزينة.فصناعة الصيد الترفيهي تجلب المتعة لمئات الملايين من الصيادين، بما في ذلك
90 مليون في الصين، وتدر
أكثر من 100 مليار دولار أمريكي سنويًا، وتدر تجارة أسماك الزينة، لا سيما
الأسماك الأليفة الأكثر شهرة في العالم، ما بين 15 و 30 مليار دولار
أمريكي.
أسماك
المياه العذبة تعاني
للأسف،
تم بالفعل الإعلان عن انقراض أكثر من 80 نوعًا من أسماك المياه العذبة على غرار
أسماك المجداف الصينية، واليوم ، ما يقرب من ثلث جميع أنواع المياه العذبة مهددة
بالانقراض، حيث انخفض تعداد الأسماك المهاجرة بنسبة 76٪ منذ عام 1970 ، بينما
انخفض عدد الأفراد من الأنواع الكبيرة أو الأنواع الضخمة(أكثر من 30 كغ) بنسبة 94٪
في نفس الفترة.
التنوع
البيولوجي للمياه العذبة آخذ في الانخفاض بضعف المعدل في محيطاتنا أو غاباتنا.
هناك حاجة إلى تغيير جذري في سياسات الدول تجاه هذا التنوع، حاليا تختفي أسماك
المياه العذبة بسرعة، والأسباب معروفة، تأتي على رأس قائمتها الأسباب بشرية : من
البناء على الأراضي الرطبة ، إلى سدود
الطاقة الكهرومائية سيئة التخطيط ، والإفراط في استخراج المياه للزراعة ، والصيد
غير المستدام ، والتلوث ، والأنواع الغازية ، وتغير المناخ. يعود ذلك إلى الفشل
الذريع والطويل الأمد في الأخذ بعين الاعتبار الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة
في قرارات التنمية.
ما هي
الحلول؟
ينبغي
العمل على اتخاذ تدابير استعجالية للسماح
بتدفق الأنهار بشكل طبيعي أكثر ؛ تقليل مستويات التلوث ؛ السيطرة على انتشار
الأنواع المائية غير المحلية ؛ وإنهاء الصيد الجائر والصيد المدمر، تكثيف البرامج
الإرشادية والتحسيسة ولكن أيضا اتخاذ قرارات جريئة على المستوى العالمي والإقليمي
والمحلي أيضا.
وبالتأكيد
سيؤدي الإهتمام بالتنوع البيولوجي في المياه العذبة إلى إعادة الحياة إلى أنهارنا
وبحيراتنا وأراضينا الرطبة المحتضرة. كما أنه سيعيد العديد من تجمعات أسماك المياه
العذبة إلى الحياة الطبيعية ، ويؤمن الغذاء والوظائف لمئات الملايين ، ويحمي
الأنواع المميزة ، ويعزز صحة النظم البيئية للمياه العذبة التي تدعم الكثير من
الرفاهية والازدهار.
أسماك
المياه العذبة الجزائرية
في الجزائر، هناك القليل من الأبحاث حول أسماك المياه
الجزائرية القارية. فحسب دراسة لكل من محمود باشا وعمارة رشيد حول أسماك المياه
القارية الجزائرية(2007)، فقد أتاح جرد الأسماك في المياه الداخلية الجزائرية
إمكانية وضع قائمة تضم 45 نوعا ، منها 29 نوعا أصليا و 16 نوعا تم إدخالها.
فيم نُشرت دراسة لكل من Dhya LOUNACI-DAOUDI, Abdelkader LOUNACI ,Abdeslam ARAB
قائمة لــ 67 نوعًا من
الأسماك تنتمي إلى 22 عائلة و 46 جنسًا. 37 متوطنة(native)منها 6 مستوطنة( endémiques) و28دخيلة(introduite).
من بين الأنواع المحلية ، هناك ثلاثة أنواع مدرجة في
القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على أنها أنواع المهددة بالانقراض هي: (Aphanius iberus و Aphanius
saourensis و Haplochromis
desfontainii). .
وأشارت دراسات حديثة إلى اكتشاف بعض الأسماك الأخرى، لا
سيما الدخيلة منها.
فيما تشير بعض المنشورات الأخيرة (غير مؤكدة)إلى بعث الأمل
حول إمكانية وجود سمك الترويت (La
truite à grosses taches (Salmo trutta macrostigma)في
واد زهور بولاية سكيكدة.
نشير أن أسماك المياه العذبة الأصلية تستحق إهتمام أكثر
للمحافظة عليها، نظرا للدور الهام الذي تلعبه على المستويين البيئي والثقافي.