نجح فريق من العلماء بجامعة سييرا في البرازيل، ولأول مرة في تاريخ الطب، في اكتشاف يعتبر '' ثورة '' في علاج الحروق، وذلك باستعمال سمك البلطي، هذا الاخير يُعتبر من أهم أسماك المياه العذبة التي يتم تربيتها من أجل الإستهلاك.
وقد تم تطوير هذا الإبتكار من قبل فريق من الباحثين تحت إشراف الدكتور أودريسو مورايس، والدكتور آنا باولا نيغريروس، حيث عملوا على مدى أكثر من عامين في تطوير العلاج في مركز البحوث والتنمية على مستوى الجامعة الاتحادية سيارا (UFC)..
قال العالم البرازيلى "فيليبي روشا" ، الذي يشتغل طبيبا للأعصاب في جامعة سييرا الاتحادية في البرازيل، إن استخدام جلد السمك لعلاج الحروق قد يكون أرخص وأفضل من الضمادات أو كريمات الحروق، وذلك لكونه غني بالرطوبة والكولاجين الذي يشبه البروتين الموجود في جلد الإنسان مما يساعد على التفاعل مع جهاز مناعة المريض لزيادة سرعة الشفاء.
وأشار الطبيب البرازيلى إلى أنه بمجرد تعقيمه يخضع جلد البلطي للإشعاع لقتل أي فيروسات فيه، ويمكن تخزينه لمدة تصل إلى سنتين إذا تم تبريده، قبل قطعه ببساطة ووضعه على الحرق بدلاً من الضمادة، ثم يتم إزالة الجلد بعد حوالي أسبوع واحد فقط، حيث تغلق الجروح بشكل أسرع، مع ألم أقل، عندما يعالج المرضى بجلد السمك مقارنة بكريمات الحروق الأخرى التقليدية، وفقًا لبحث تم عرضه في المؤتمرات الطبية.
كيف بدأت الفكرة؟
يُقال إن الفكرة جاءت أولا من طبيب التجميل البرازيلي الذي يُسمّى مارسيلو بورخيس، بعد أن قرأ عن استخدام جلد سمك البلطي في صنع الحقائب والأحزمة والأحذية، وحين حاول تجريبه في علاج الحروق، كانت النتائج مبهرة
من أول من تم علاجه بجلد سمك البلطي؟
تعتبر البرازيلية ماريا إيناس دا سيلفا (36 عاماً) وهي أم لطفلين، أول شخص يتم علاج حروقه بواسطة جلد السمك، والتي وصفت طريقة علاجها المعجزة كأنه "فيلم خيال علمي"، على حد قولها.
ماريا التي كانت ضمن المجموعة الأولى التي خضعت لهذا النوع من العلاج، تعمل ماريا نادلة في إحدى المطاعم شمال شرق البرازيل، وأصيبت بحروق مروعة في أنحاء متفرقة من جسدها نتيجة انفجار اسطوانة الغاز داخل المطعم.
وكانت الحروق عميقة وغائرة، وأبت أنسجتها أن تستجيب لأي علاج إلى أن كادت تفقد الأمل، ووافقت على العلاج باستخدام جلد السمك الذي يعمل كغطاء للجروح ويساعد على شفاء الأنسجة بما يحمله من مواد طبيعية.
وتقول عن تجربتها: "عانيت من آلام قاتلة، وكنت محبطة لأن كافة الأدوية والعلاجات عجزت عن التعامل مع جروحي وحروقي « ذلك وضع الأطباء، خلال علاجها، جلد السمك على جروحها لمدة 11 يوماً، جرى بعدها تغيير جلد السمك المستخدم بآخر جديد.
وتم استخدام العلاج الجديد على وجه ماريا ورقبتها على مدار 11 يوماً متصلة مع تغيير جلد السمك كل يوم، بينما استمر العلاج لمدة 20 يوماً على ساقها وذراعها لاستعادة الأنسجة التالفة ومعالجة الجروح العميقة، وأوصت ماريا باتباع هذا العلاج لمن يعانون مثلها، لافتة إلى أن هذا العلاج كان معجزة.
كما أن أحد المرضى، ويدعى خوسيه بيزيرا، تعرض لحادث وإصابته بليغة، الأطباء قالوا له يجب إجراء عملية زرع جلد، ولكن مع طريقة جلد السمك لم يعد يحتاج عملية الزرع تلك.
وتعتبر ماريا واحدة من أول المرضى الذين خضعوا لهذا العلاج الجديد باستخدام جلد السمك البلطي كجزء من المشروع التجريبي في وحدة الحروق بمعهد IJF في فورتاليزا بالتعاون مع وحدة الحروق والجروح بمستشفى SOS في ريسيفي شمال شرق البرازيل، ثم تم تطبيقه بعد ذلك على 50 من المرضى الآخرين.
كيفية استعمال جلد السمكة في علاج الحروق
يتم استخدام جلد السمك بشكل يشبه الشريط اللاصق ووضعه على المنطقة المصابة بالحروق، وفي هذه الحالة لا حاجة لاستعمال الكريمات أو غيرها من المواد المعقمة، والنتيجة أن الجروح تشفى بشكل أسرع مقارنة باستخدام أي مادة أخرى، وفي خلال اسبوع حسب التجارب التي أُجريت على مرضى.
وجلد سمك البلطي يمد جلد الإنسان بالسوائل ويحميه من البكتيريا والجراثيم، وهذا ما يُعتبر بـ"ثورة"، كما يقول الأطباء في البرازيل.
وأكد الاطباء أن إبقاء الجروح الناتجة عن الحروق دافئة ورطبة وخالية من البكتيريا سيضمن للمصاب الحصول على نتائج شفاء مثيرة، كما أن استخدام جلد الأسماك من شأنه أن يساعد في نقل الكولاجين منها إلى الجلد المحروق إلى جانب البروتينات الضرورية التي تساهم في عملية الشفاء.
وأشاروا أنهم حصلوا على نتائج رائعة تمثلت في تسريع عملية الشفاء وتقليل الحاجة لتناول مسكنات الألم.
وقبل الاستعمال، يتم تنظيف جلد السمك البلطي وتعقيمه والتخلص من القشور على سطحه، أنه أرخص بكثير وأقل ألمًا وتجميده لفترة زمنية قبل استخدامه في علاج حروق الجلد، وذلك لضمان تعقيمه وعدم انتقال الفيروسات الى الحروق. كما من الضمادات والعلاجات العادية للحروق،
لماذا تم اختيار سمكة البلطي لعلاج الحروق؟
وقد تم اختيار سمك البلطي بالتحديد لاحتوائه على نسبة عالية من
البلازما والكولاجين ودرجة عالية من الرطوبة والبروتينات الضرورية، ما يسرع في
عملية الشفاء وتهدئة الجروح وإعادة بناء الجلد التالف فضلاً عن إزالة السموم
وتفادي الإصابة بالعدوى، بحسب الدكتور إدمار ماسيل، واحد من الجراحين الذين ساهموا
في تطوير العلاج
وحسب الدكتور فيليبي روشا فإن جلد السمك أفضل من الضمادات، لا سيما بالنسبة للأطفال، وذلك لما يتوفر عليه من مواد تتفاعل بسرعة مع خلايا جسم الإنسان، لذلك دأبت بعض العيادات في البرازيل على استخدام جلد سمك البلطي بشكل متزايد لمداواة الحروق، لأنه غني بالرطوبة وكذلك الكولاجين الذي يشبه البروتين الموجود في جلد الإنسان.
ويتميز جلد السمك بمرونة فائقة وقدرة على الالتفاف حول الجروح، وهو مقاوم للأمراض والالتهابات، ويحوي مواد طبيعية مثل الكولاجين والبروتينات، ويحتفظ بالرطوبة لفترات طويلة.
جلد البلطي ... العلاج الرخيص لضحايا الحروق في الدول النامية
ويأمل الفريق الطبي الذي يطور العلاج الجديد بأن يحدث ذلك العلاج الرخيص تغييراً جذرياً لعلاج الآلاف من ضحايا الحروق لاسيما في الدول النامية والفقيرة، توفيراً للوقت وتكاليف الدواء واختصار ساعات الألم.
حيث تقل تكلفته بنسبة 75 % عن مرهم السولفاديازين الذي يستخدم عادة لعلاج مرضى الحروق في البرازيل
كما يأمل الباحثون في خطة IJF في توسيع مشروع علاج الحروق لأول مرة باستخدام جلد حيوان مائي "سمك البلطي"، ليشمل جميع المستشفيات في البلاد وعلاج 500 مريضاً آخر قبل اعتماده علاجاً رسمياً جديداً يمكن تعميمه في جميع أنحاء العالم.
طلبة من جامعة السلطان قابوس بسلطنة عُمان يثبتون فائدة جلد البلطي لعلاج الحروق
تمكن طلبة من كلية العلوم بجامعة السلطان قابوس من إثبات واستخلاص علاجات جديدة للحروق من جلد سمك البلطي، حيث أثبت الفريق أن الكولاجين والبروتين الموجود في جلد ســمك البلطي مطابق تماما للكولاجـين والبروتين الموجود في جلد جسم الإنسان، وبالتالي قدرة جلد السمك على شفاء الحروق التي يتعرض لها الإنسان من مختلف الدرجات، ويعود جلد الشخص المصاب إلى حالته الطبيعية دون الحاجة إلى إجراء عمليات تجميل ودون حدوث أي مضاعفات قد تتسبب للشـخص المصاب.
الكولاجين تم استخراجه من طرف الباحثة الجزائرية لبلاك مونيا من جامعة وهران سنة 2011
وحسب رسالة ماجستير الباحثة والتي إطلعنا عليها خلال إعدادنا لهذا الموضوع، فقد خلصت الباحثة في تجربتها أن التركيب النسيجي لجلد البلطي النيلي أن ألياف الكولاجين موجودة على مستوى الطبقة الجلدية، حيث يمثل 19.53 %من الوزن الجاف للجلد، حيث يُعطي أقصى قابلية لذوبان كولاجين الجلد عند أس هيدروجيني قيمته 2 .
وتشير الباحثة في مذكرة تخرجها، أن الكولاجين موجود في الحيوانات البرية مثل الأبقار والخنازير، غير ان ظهور الامراض في هذه الحيوانات قلّل من التجارة العالمية لهذه المادة البروتينية، مما جعل الأنظار تتوجه نحو الموارد البيولوجية البحرية كالأسماك والطحالب والإسفنجيات.
ما هو الكولاجين وما استعمالاته؟
الكولاجين هو البروتين الرئيسي في الأنسجة الضامة في العضلات والجلد والأربطة والغضاريف والعظام والأنسجة، ويشكل نسبة كبيرة تصل إلى 25% من مجمل البروتينات في الثدييات وبعض الأحياء الأخرى. بروتينات الكولاجين لها تركيب ليفي طويل ووظيفتها تختلف عن البروتينات الكروية والأنزيمات الأخرى. تشكل الحزم المتينة لبروتينات الكولاجين مع بعض ما يعرف بـ"ألياف الكولاجين".
وللكولاجين استعمالات عدة منها ماهو صناعي حيث يستخدم في صناعة مستحضرات التجميل. وله استعمالات دوائية أيضاً. كما أن حقن الكولاجين هي إحدى الطرق المستخدمة لتجميل الوجه بدون جراحة,حيث ينتج عن فقدان الكولاجين الطبيعى ظهور التجاعيد العميقة بالوجه.
وطريقة حقن الكولاجين بسيطة,حيث يقوم الطبيب بحقن مادة الكولاجين في الخدين و زاوية العين وخطوط الشفاه وخطوط الضحك حول الفم, و يستغرق ذلك حوالي خمسة دقائق,و تستمر نتائج الحقن من 6 -12 شهر بلا أعراض جانبية في الأغلب..
كما أن هذا البروتين يساعد على زيادة حجم العضلات أيضا ويخفف من آلام المفاصل، فيما يؤدي إلى عدة مزايا منها تأخير علامات الشيخوخة، وانخفاض ظهور التجاعيد بنسبة 20%، فضلا عن زيادة مرونة الجلد وتعزيز إنتاج بروتينات تساعد على بناء خلايا البشرة وغيرها من الفوائد.
جامعة برازيلية تتبرع بجلد سمك البلطي لعلاج الحروق في بيروت
خصائص جلد البلطي في علاج الحروق لدى البشر أعطت نتائج جيدة
قام مركز أبحاث وتطوير الأدوية(NPDM) التابع لجامعة سييرا بالبرازيل بإرسال مخزون هام من جلد البلطي يبلغ 40 ألف سم2 للمساعدة في تقديمه لضحايا الحروق في الانفجار الأخير الذي وقع في مرفأ بيروت في لبنان ، والذي خلّف حوالي 5000 جريح وأكثر من 100 قتيل.يهدف مشروع جلد سمكة البلطي'' Tilapia Skin '' إلى الحفاظ على رطوبة الحروق مع إنتاج الكولاجين ومقاومة الأمراض بمستويات مماثلة لتلك الموجودة في جلد الإنسان، مما يساعد على الشفاء منها، في الوقت كانت تستخدم سابقا لعلاج هذه الحروق جلود الخنازير المجمد وحتى الأنسجة البشرية. وحسب المشرفين على الجامعة، تعتبر هذه العملية لفتة إنسانية لمساعدة الجرحى في بيروت.وأشار البروفيسور Odorico de Moraes إلى أن مركز البحث لديه القدرة على تحضير 2000 جلود من سمك البلطي، حيث يتم التخطيط لإستعمالها مستقبلا في حالات الحروق في الكوارث الكبرى، بحسب منسق مشروع جلد البلطي.من جانبه ، قال الدكتور إدمار ماسيل ، منسق مشروع Tilapia Skin وباحث في معهد NPDM ، أن هذه الكمية من الجلود والمقدر عددها بألفين( 2000 )ستكون معادلة للضمادات بقياس 8 إلى 10 سم على 15 إلى 20 سم والتي ستمثل، في مجموعها، حوالي 250.000 إلى 300.000 سم مربع من جلد البلطي
دعوة إلى مزيد من التجارب والتوجه نحو التصنيع
نأمل أن يتجه الباحثون الجزائريون إلى إجراء مزيد من التجارب في هذا المجال، وتشجيع الشركات في تصنيع جلد سمك البلطي للاستخدامات الطبية.
ونظرا لانتشار تربية سمك البلطي في مختلف مناطق البلاد، ولسهولة تربيته وتأقلمه، فإننا نوجه دعوة للشباب لإنشاء مؤسسات مصغّرة لاستخراج الكولاجين ومختلف المواد الطبية والصيدلانية، وهذا ما يساهم في تثمين هذا السمك وخلق قيمة مضافة جديدة له، بالإضافة إلى استعمالاته في الإستهلاك.
من فضلك ابحث عن اطروحه الباحثه لبلاك مونيا
ردحذف